القائمة الرئيسية

الأحد، 3 يوليو 2016

كل يوم آية .. من الاعجاز العلمى فى آيات الله .. بقلم د. أميمة خفاجى الحلقة الثالثة والعشرون الجــــــــــــينات علاج لكل القلوب المجروحة

كل يوم آية .. من الاعجاز العلمى فى آيات الله .. بقلم د. أميمة خفاجى
الحلقة الثالثة والعشرون
الجــــــــــــينات
علاج لكل القلوب المجروحة


كلنا يعرف تلك العضلة الهائلة الصنع التى كتب عليها العمل ليلاً نهاراً .. فتظل تضخ الدماء منذ بدء تكويننا وحتى نهاية وجودنا . قلب يدق .. ينبض بانتظام .. بدقة .. كالساعة فلا يؤخر أو يقدم .. و إلا أختل معه كل شئ باختلاله .. فإذا توقف توقفت معه الحياة ..
لكن ..! هل هناك فعلاً قلب أبيض وآخر أسود .. أم أنه مجرد عضلة لضخ الدماء .. كيف يكون ذلك .. وهو يستجيب لكل انفعالاتنا فتتلاحق نبضاته عند الفرح والبهجة .. ويضطرب ويرتجف عند الحزن والخوف والفزع .ليس ذلك وحسب .. بل هناك قلوب هادئة .. مطمئنة .. سليمة .. وقلوب متقلبة متحولة متغيرة .. قاسية لا تعرف الرحمة ..وغيرها .. غافلة .. مريضة .. آثمة .. وأهم من كل هؤلاء تلك القلوب المتحابة الوجلة .. المتآلفة . هكذا وصفها الله جل شأنه فى كتابه الكريم فقال عز من قائل فى القلوب المتآلفة :
" وألف بين قلوبهم ، لو أنفقت ما فى الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ، ولكن الله ألف بينهم " [الأنفال : 63] .
وعن القلوب المريضة " فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ، ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون " .                     [ البقرة : 10] .
وعن القلب السليم : " يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم " .
                       [الشعراء : 89] .
وعن القوب المطمئنة : " الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب " .                 [ الرعد : 27 ـ 28] .
وعن القلوب الوجلة : " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم " .
                            [ الأنفال : 2] .
وعن القلوب المتقلبة : " ونقلب أفئدتهم وأبصارهم " . [ الأنعام : 1] .
وعن القلوب غير الواعية : " لهم قلوب لا يفقهون بها " . [ الأعراف : 179].
القلب فى العقيدة المصرية القديمة
وإذا رجعنا للوراء .. وتصفحنا كتاب الموت نجد أن نصوص قدماء المصريين تؤكد الاعتقاد الراسخ فى البعث والآخرة لدرجة أن العالم القديم تصور العديد من ألوان العذاب والعقاب فى الجحيم .. بل و الأدهش من ذلك أنهم قاموا بوصف تفصيلى لكل أنواع العذاب .
وفى بردية جنائزية عثر عليها فى أحد المقابر تنصب المحاكمة .. ومحاكمة الموتى لا استئناف فيها .. فهى تهدد بالعقاب الصارم النهائى .. كما أن هناك عقاباً للكافرين حيث يقال لهم سوف لا ترون الإله بأعينكم .
ومن رحمة وحب الله لعباده الصالحين أنه جل شأنه سيكشف الحجاب عن المصطفين فيتمتعون برؤيته عز وجل كما ذكر فى القرآن الكريم بقوله تعالى :
"     وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة  "[    القيامة 22-23    ].
والمثير فى البردية الجنائزية كما فى كتاب الموتى يحاسب الأموات بوزن قلوبهم فيوضع قلب الميت فى إحدى كفتى الميزان مقابل ريشة ( ترمز إلى العدالة ) فى الكفة الأخرى.
وأحياناً يوضع قلب الميت فى كفة مقابل تمثاله فى الكفة الأخرى .. وتأصلت فكرة المحاكمة وتحقيق العدالة فى العالم الآخر فى العقائد المصرية القديمة بوزن القلوب .
وإذا كان للنفوس والقلوب المريضة شفاء .. فما الذى يجعل القلب يضطرب للانفعال ؟
 قد ينفعل الإنسان لموقف أو حدث ما .. وتزداد انفعالاته بنوائب الأيام .. وعندما يكون الحدث فوق طاقة الإنسان .. فلا يتحمل قلبه المثقل بالهموم والآلام .. وبالقطع هناك قلوب صامدة .. لكن إلى أى حد من الممكن الصمود والتحمل ..؟
وعندما يضطرب القلب يصاب بنوبة قلبية إذا أصيب القلب بنوبة قلبية فلابد وحتماً ستتكرر تلك النوبة .. وتتزايد بتعاقب الأحداث والنوائب . وكل نوبة قلبية تترك آثاراً ميتة فى عضلة القلب لتصبح غير قادرة على التقلص .
عندما يفقد القلب انفعالاته
وقد يموت القلب من كثرة الجراح والآلام التى تخلفها الأيام ، فلم يعد متأثراً لأى نائبة من نوائب الحياة .. فيتحول لعضلة .. مضخة .. كل مهمتها توزيع الدماء بلا انفعال عندما يتطلب الأمر انفعالاً .. بلا انقباض عندما يصاب الإنسان بالفزع .. وهنا يطلق البعض على هذا الإنسان بأن قلبه ميت لعدم استجابته وانفعالاته للمواقف التى تستدعى الانفعال سواء بالبهجة أو الحزن .. لكن ..!! 
هل يعد موت القلب إنسانياً أرحم من إصابته كعضلة ؟
قد يموت القلب إنسانياً ويصبح غير قادر على الاستجابة لأي انفعال ، ويظل نابضاً فى صاحبه .. لكن عندما يفقد الإنسان مشاعره ويموت قلبه فلا يجزع لما تجزع منه النفوس الطيبة ولا يحزن ويضطرب لأى مكروه ..  فقلبه لا يتأثر .. ويعمل كمضخة فقط .. يدق بانتظام لأنه تأقلم .. فلا يجزع ولا يحزن ولا يبتهج ولا يسعد فهو مجرد آلة وحسب. ورغم أن هذا الإنسان الذى يخلو من عوامل الإنسانية مثل الشعور والإحساس لا يمكنه حماية قلبه القاسى من مسببات النوبات القلبية التى تسببها سوء التغذية وأحيانا سوء الأخلاق من حقد وضغينة وغدر بالآخرين فكلها مؤثرات قوية ، تهدد أيضاً القلب وسلامته.
  أما الإنسان الذى لم يعبث بإنسانيته غدر الزمن أو بلاء وشدة المحن .. ولم تغيره قسوة الحياة ،  فهو ينفعل .. وينفعل . وكلما زادت انفعالاته وتأثره وحزنه تعرض قلبه للإصابة بنوبة ما ، وكلما زادت نوبات القلب .. زاد معه موت الخلايا التى تزيد من تشويه جدرانه ، ويزداد الإجهاد الواقع على الأجزاء السليمة من العضلة السليمة ، مسببة المزيد من موت الخلايا .
وقد تتضاعف هذه الدورة لتزيد من موت الخلايا فى مدة وجيزة أو قصيرة حتى يصاب القلب بالفشل .. ويصبح عاجزاً ، ليعانى الإنسان بضعف ثابت فى قلبه ، وهذا الضعف لا حل له ولا علاج سوى زراعة قلب آخر .. قلب جديد .
 ترميم القلوب المصابة
فكر علماء الوراثة فى البحث عن علاج لهؤلاء الذين يعانون من القلوب الفاشلة أو المصابة .. فماذا كانت نتيجة أبحاثهم العلمية ؟
إن النوبة القلبية تحدث بسبب انسداد مفاجئ فى أحد الأوعية الدموية الرئيسية (التى تغذى البطين الأيسر) مسببة جلطة دموية .. أى حرمان جزء من العضلة القلبية من الدم .. وبالتالى حرمانها من الأكسجين مما يقتل خلايا العضلة القلبية ويصيبها بالتلف والموت .. وهذه الخلايا هى القادرة على التقلص ، وتتسبب الجلطة الدموية فى ترك بقعة من النسيج الميت تتجدد مساحتها على المنطقة التى كانت تتغذى بهذا الوعاء الذى تم انسداده. .
وعلى عكس الكبد والجلد .. فالمعروف إن خلايا هما تتجددان .. أما القلب وأنسجته فلا تتجدد .. كما أن الخلايا السليمة التى فلتت ونجت من الجلطة الدموية لا تستطيع أن تتكاثر أو تتجدد وبالتالى فلا يمكنها تعويض أو احتلال المنطقة المصابة التالفة الميتة .
وتوقع البعض أن الخلايا الجذعية(  Stem cell ) التى تعمل كبداية لنشأة الخلايا الجديدة فى أنسجة المجروح أو المصاب أو الميت إنها ذات مقدرة لعلاج الخلايا التالفة من القلب..فحاول العلماء نقل الخلايا الجذعية (خلايا المنشأ ـ الأم) من أنسجة أخرى مثل : نقى العظام وكان المتوقع أن تتكيف هذه الخلايا مع المحيط الجديد وتنتج خلايا عضلية قلبية جديدة ناضجة أو أن تعمل على الأقل كمحرض على إنتاج وإنماء خلايا عضلية قلبية جديدة ، أى تمنحها القدرة الطبيعية على التجديد .
وكانت المفاجأة ..!!! عندما فشلت الخلايا المزروعة ، فى نقل الإشارات الكهربية التى تسمح للخلايا القلبية بأن تزامن تقلصاتها . فهناك مواد كيماوية تعمل كمحرض لنمو الخلايا .. مما واجهوا مشكلة ارتحال الخلايا المزروعة بعيداً عن المنطقة . وكان لابد من تضافر علماء الكيمياء والفيزياء والجينات والقلب لعلاج القلوب المصابة وترميمها .
وبحث الجميع عن قاعدة تعمل كأرضية لتنمية الأنسجة الحية .. أو عمل سقالة لدى الخلايا حتى تسمح لها بالنمو والانقسام .. وفائدة هذه السقالة هى تنشيط نمو الأوعية داخل النسيج الجديد _ الأوعية الدموية _ التى تنقل الأكسجين لكل خلية ، وهى ضرورية لبقاء الخلايا المزروعة بعد نقلها إلى الإنسان ، على أن تتلاشى السقالة ولا تخلف الأثر وراءها إلا نسيجاً سليماً .
عندما يصبح الواقع أغرب من الخيال
عندما يتحقق الخيال وتصبح الحقيقة أغرب من الخيال .. فقد كان فكرة بناء نسيج حى ضرباً من الخيال ، وبعيدة تماماً عن الفكر .. خاصة عندما كان علم الخلية حكراً على علماء الخلية  .. لكن عندما تداخلت كل العلوم .. لأن الكل لاشك يخدم بعضه البعض ولا يمكن فصل الكيمياء عن الأحياء أو عن الفيزياء، كذلك لا يمكن فصلهاعن الطب خاصة بعد كشف أسرار الخلية على أيدي علماء الوراثة أو الجينات .. مما أدى إلى تحقيق أحلام العلماء ، وبناء نسيج حى ، الذى جمع بين معارف علماء الأحياء حول سلوك الخلية وبين البراعة الهندسية لكيميائى المادة.. حيث اكتسب علماء الخلية تبصرات جديدة ، حول التآثر بين الخلايا والمادة ، كما توصل المهندسون إلى القدرة على تخليق أنواع جديدة من البوليمرات .. وتمكنوا أخيراً من تكوين تشكيلة رائعة من المواد التخليقية(Synthetic )  والطبيعية مثل البوليستر Pollster) ) والتأكد من سلامتها داخل الجسم البشرى .
  فقد لعب دور تخليق المواد الطبيعية وقدرتها على بناء وتكوين نسج وثبوت صحة وسلامة ضبط هذه المواد داخل الجسم البشرى  دوراً هاما فى عمل سقالة للقلب .. إلا أنه ما زالت هناك بعض المشاكل التى تحول دون نجاح هذه التجربة ، مثل الرفض المناعى ومرة أخرى أجريت هذه كالتجربة على الفأر، الذى تقترب جيناته تشابهاَ مع الإنسان بما يقرب من 99% .فعندما تنجح التجربة على الفئران بلا شك ستنجح على الإنسان .. وقام العلماء بزراعة السقالة فى قلوب الفئران المصابة ، التى بها قطعة مصابة وبعد شهرين تم الكشف على قلوب الفئران ..وكان الذهول .. بالفعل .. نمت الأوعية الدموية الجديدة الزاحفة من النسيج القلبى السليم نحو الطعوم الحيوية (السقالة) المصنوعة والمزروعة .
إن السقالة المهندسة ليست فقط وراثياً بل كيماوياً وفزيائياُ ، قد اندمجت بشكل جيد فى النسيج المعطوب .. وبدأت السقالة (المصنوعة من الألجينات ) فى الذوبان والتلاشى .. لقد تطورت الخلايا القلبية الجنينية إلى ألياف عضلية ناضجة ، وظهوت قاعدة ألياف عضلية ناضجة .. وبشكل سليم ، بل ومشابه لألياف النسيج القلبى الطبيعى .. وكانت الإشارات والمشابك الكهربية الضرورية لتقلص الخلايا القلبية ، ونقل التنبيه العصبى موجودة أيضاً بين الألياف .
وقف تدهور وظيفة القلب
وكانت أهم خطوة هى منع تكرار حدوث التجلط ، وبالتالى وقف تدهور وظيفة القلب ، وأهم ما فى الموضوع : هو نجاح تشكيل أوعية دموية جديدة فى منطقة الإصابة .؟
معجزة الخلايا الجذعية
وأمكن من خلال الاستنساخ العلاجى ، استخلاص خلايا جذعية جنينية بالغة من نقى العظام أو دم الحبل السرى للمريض نفسه ، وعمل سقالة أليجينية مشتقة من الطحال كمادة للسقالة .. ثم أجريت التجربة على الخنازير ، وتأكد الباحثون من أن السقالة تستطيع بشكل فعال الوقاية من حدوث فشل قلبى عند المرضى .
إن مسألة ترقيع القلب .. واستبدال قطعة متكاملة من القلب فى حالة تمزق .... لبناء قطعة حية لقلب بشرى .. تعد هندسة نسيج قلبى ؟ !!!
 قد يكون خيالاً .. لكنه سيتحقق يوماً ما .. ويتعاون العلماء منذ سنوات وسنوات بهدف تخليق رقعة عضلية للقلب .. وكيف تتأثر الخلايا المزروعة بالمنبهات الخارجية .. وتصميم  بوليمرات من مواد حيوية ، تستخدم فى هندسة النسج ، وفى إيصال الأدوية على نحو يمكن التحكم فيه .أى أن هناك ثلاث خطوات :
 ـ زراعة وإنماء الخلايا الجديدة .
ـ هندسة الأنسجة .
ـ المعالجة الجينية .
ويعد أهم ما فى الموضوع حتى الآن هو تحقيق الهدف الرئيسي ، وهو حماية القلب من المزيد من التدهور، ووقف حدوث النوبات القلبية التى يؤدى تكرارها إلى فشل القلب نفسه فى أداء وظيفته .

اقرأ التفاصيل فى كتاب الجينات والحرب الخفية اصدار دار المعارف

فى الحلقة القادمة
هل القلب هو الذى يبصر ويفكر ..؟   يؤمن ويكفر ..؟ ويحب ويكره ..؟
ومن الناحية العلمية هل الموت هو موت المخ أم القلب ؟ 
***











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق