القائمة الرئيسية

الجمعة، 6 يونيو 2014

الكتكوت الفصيح وعروس البحر (6)

من أدب الأطفال .. للدكتورة أميمة خفاجى
من حكايات الكتكوت الفصيح 

(6)الكتكوت الفصيح وعروس البحر 






تابع سلسلة من حكايات الكتكوت الفصيح : (2)
  الكتكوت الفصيح ورحلة الصيد

(عروس البحر)


 
خرج الكتكوت الفصيح يصطاد أسماك من البحر وكان بقارب الصيد عدد غفير (كثير) من الكتاكيت الذين يحترفون (يجيد) الصيد ، وكالعادة كل من الكتاكيت يقوم بعمل محدد له فمنهم من يمسك بمجداف القارب ليجدف بجناحه، وبينما يلقى الكتاكيت الصيادين شباكهم فى البحر   كان الكتكوت العنيد يقوم بالتقاط الصور العديدة للبحر والأمواج والشاطئ ،  ويجيد تصويرها ،كم كان منظر البحر جميل وساحر ،فجأة توقف بصره على كائن غريب يقف فى الشاطئ القريب ، أخذ يحملق ويدقق بصره على هذا الكائن الذى أبصره ، فإذا به يصيح مهللاً :
ـ يا إلهى ماذا أرى ..؟
بهت الجميع والتفتوا إليه يصيحون فى صوت واحد :
ـ ماذا حدث ؟! ماذا بك ..؟!
هلل فرحا وهو يقول بصوت مرتفع :
ـ لقد وجدتها .. وجدتها .. ..!!
سأله الكتكوت الفصيح :
ـ من ذا التى وجدتها تلك ..؟!
أجاب الكتكوت العنيد وهو يحرك آلة التصوير ويشير بجناحه إلى الشاطئ :
ـ هيا أسرعوا إلى هناك هاهى تقف .. إنى رأيتها والتقت لها صورة .. هيا أسرعوا ..وغير الكتاكيت المراكبية الذين يجدفوا القارب طريقهم إلى الاتجاه الذى أشار إليه الكتكوت العنيد بينما راح البعض يردد السؤال مرة أخرى :
ـ من هى تلك التى عثرت عليها ..؟! نحن لا نرى شيئا هناك ..!!
تعجب الكتكوت العنيد وهو يصيح غضبا :
ـ كيف لم تروا شيئا ..!! يا للعجب .. هاهى تقف هناك ..
واستمر فى ادارة آلة التصوير الكاميرا ليلتقط لها صورا عديدة ..حتى ابصر الجميع رؤية كائن غريب يقف على شاطئ البحر .. فصاحوا جميعا :
ـ حقا ها هى انها تقف هناك .. يبدو إنها مذعورة خائفة ..
قال الكتكوت العنيد :
ـ تبا لكم جميعا كيف تقولون إنها مذعورة أو خائفة .. إنها تخيف ولاتخاف .. أنها تفزع ولا تفزع ..فهى جنية .. جنية البحر التى يخافها الجميع ..
كان الكتكوت الفصيح يستمع لحوارهم بصمت وكأنه يفكر فى أمر ما .. هل يستحق هذا الأمر أن يغير الكتاكيت الصيادين مهمتهم ويغيرون مسارهم .. ؟!
كان الكتكوت الفصيح يعلم جيدا أنه بمجرد الاقتراب من هذا الكائن سيهرب مبتعدا عن الأنظار ، لكنه قبل هذا الموقف كما تعود أن يراقبوا كل ما هو جديد ومثير فراح يرقبهم عن كثب .
وبمجرد اقتراب قارب الكتاكيت الصيادين من الشاطئ هرب هذا الكائن الغريب بسرعة واختفى ..
لقد لمحه الجميع .. ونجح الكتكوت العنيد فى التقاط صوره الحقيقية ..
وتأخر الجميع عن موعد عودتهم .. حيث يجب العودة قبل أن تنام الشمس قبل الغروب ..
ننامت الشمس واستيقظ الليل ولم يصطاد أحدهم سمكة واحدة وضاع الوقت فى البحث ومحاولة الوصول لحقيقة هذا الكائن الغريب .. لكن هل حقا أن الوقت ضاع منهم أم أن الأمر كان أكثر وأهم من مسألة صيد الأسماك ..؟!
كان الكتكوت العنيد لا يجيد فقط التقاط الصور بل وتحميضها أيضا وشغفه وشوقه لرؤية هذه الجنية كما أطلق عليها جعلها يسهر ليلاً للحصول على أجود صورها ..
لم ينم أحد الكتاكيت بل راحوا ينتظرون بشوق ولهفة لرؤية صور تلك الجنية التى تحكى عنها الأساطير (الحكايات الخيالية) القديمة  وراح البعض يتحاور مع الكتكوت العنيد حتى وضحت رؤية الصور برغم انها لم تجف بعد ..
بهت الجميع لرؤية تلك الجنية وصاحوا جميعا :
ـ حقا انها جنية .. شكلها عجيب .. غريب .. لكنها جنية سيئة المنظر .. شكلها قبيح ،  وغير جميل ..
كان الكتكوت الفصيح يجهز لهم فيلم عن عروس البحر .. قطعا اختياره لهذا الفيلم (فيلم كارتون صور متحركة) لم يتم بصورة عشوائية بل كان له علاقة بتلك الجنية (كما أطلق عليها الكتكوت العنيد) التى افزعتهم جميعا   ..
جائهم الكتكوت الفصيح يحمل تحت جناحه شريط فيدو لفيلم عروس البحر وأعلن ميقات تشغيل هذا الفيلم ..
فقالت الكتكوتة الشقية .. هل هذا وقت رؤية حواديت وافلام خيالية .. اقترب وانظر إلى هذه الجنية الحقيقية التى عثر عليها واكتشفها الكتكوت العنيد .. وراح الكتكوت العنيد يعرض الصور الواحدة تلو الأخرى أمامه والجميع يتهافت ويحتشد خلفه لرؤيتها مرة أخرى .. فابتسم الكتكوت الفصيح قائلا بتؤدة وهدوء :
ـ يا رفاقى الأعزاء .. هذه ليست جنية .. ولا يوجد شئ يسمى جنية ..
نظر الكتكوت العنيد إليه بغضب وهو يصيح :
ـ كيف يتسنى لك قول هذا الكلام .. الم ترى صورتها .. انها ليست انسان ولا حيوان ولا سمكة .. فهى غريبة ، جنية من جنيات البحر التى كثيرا ما سمعنا عنها ..
قال الكتكوت الفصيح كعادته بثقة :
ـ يا صديقى العزيز هذه عروس البحر وليست جنية ..
صاح الجميع بتعجب واندهاش :
ـ عروس البحر ..
ضحك الكتكوت العنيد بسخرية واستهزاء وصاح بصوت مرتفع :
ـ عروس البحر .. وهل عروس البحر كائن حقيقى أيها الفصيح ..؟!
ضحك الجميع مثله بسخرية  .. فأردف الكتكوت العنيد يردد بعنف :
ـ هكذا أنت دائما .. تحب فرض رأيك بأى شكل من الأشكال ..
وراح يشير بجناحه إلى الصور بتعجب ويقول :
ـ هل هذه عروس ..؟! كيف تكون عروس وهى ذات ملامح غليظة، قاسية، مخيفة ..؟! أ تعقل ما تقول ..؟!
ضحك الجميع بسخرية ..
وتحمل الكتكوت الفصيح سخريتهم وانتظر حتى صمت الجميع وراح يقول :
ـ ما زلت اصر و أو أكد على كونها  عروس البحر .. لأن عروس البحر يا عزيزى كائن حقيقى وليس أسطورة .. وأطلقوا عليها عروس البحر وهى تعيش  فى البحار والأنهار العظيمة فلا تترك الماء ابدا إلا فى فى حالة ارضاعالصغار.وتفضل عروس البحر الأماكن النائية التى لا يطرقها الإنسان.تفضل الأماكن الصخرية حيث تأوى إلى الكهوف تستكن فيها بينما هى فى الأنهار تتجول حتى تصل إلى منابعها .
وهى يا رفاقى حيوانات اجتماعية ، تعيش فى جماعات ، تكره الوحدة ، وهى وديعة وأبعد ما تكون عن الشراسة ، لا تؤذى مخلوقا ما لا حيوانا ولا إنسانا. وتبدو وكأنها فى حالة بلادة فى حين إنها هادئة بطيئة الحركة بحكم ثقل وزنها .
انتبه الجميع لأقواله وبأنه يتحدث بعلم ودرايه فسألته الكتكوته الشقية :
ـ صفها لنا يا صديقنا العزيز ..
قال الكتكوت الفصيح :
ـ  لا جمال فيها، شفتاها غليظتان تبدو وأنهما متورمتان وعينان صغيرتان وشعر كثيف على الوجه والشفتين وراس أقرع يتكئ بغير عنق ظاهر على الكتفين.لها من الأصابع خمسة تتركب من عدد عادى من السلاميات (العقل) يكسوها غشاء جلدى قد تظهر فوقه فى نهاية كل اصبع ظفر اثرى (بقايا من قديم الزمن) وأمسك بالصور التى التقطها رفيقه العنيد واشار قائلاً :
ـ تعيش فى البحار والأنهار العظيمة فلا تترك الماء ابدا إلا فى فى حالة ارضاع الصغار.وتقوم برضاعة الصغار بالقرب من الشاطئ وتكون فى حالة وقوف كالإنسان تماما وهى ترضع صغارها.
اندهشت الكتكوتة الرومانسية التى لا تشك لحظة واحدة فى معلومات صديقها الفصيح وسألته :
ـ لماذا اطلق عليها إذن عروس البحر ..؟
وصاح الكتكوت العنيد :
ـ فمن ذا الذى اطلق عليها عروس البحر أيها الفصيح ..؟!
أجاب الكتكوت الفصيح بابتسامته العذبه :
ـ انها عرائس البحر (Sirenia ) هكذا أطلق عليها هذا الأسم العالِم إليجر نقلا عن العالِم فلور. سألته الكتكوتة الشقية :
ـ ماذا تعنى عروس البحر ..؟!
أجاب الكتكوت الفصيح :
ـ تعنى عرائس البحر كما أطلق عليها اليونانيون وهى  فصيلة لثدييات مائية ،أى لحيوانات لبونة(ثديية) وثديية تعنى  أن الأنثى ترضع الصغار وتلد ولا تبيض. لقد اطلق عليها " اليجر لفظ " عروس " أى اللفظ الذى تحمله الأنثى فى اشهى واجمل وافتن صورها وهو ما قصد إليه قدماء اليونان لمخلوقاتهم..واغلب الظن ان إليجر صاحب التسمية قد اختار هذا اللفظ من الأساطير اليونانية كما جاء فى حديث السندباد القديم : انها مخلوقات وسطا بين الإنس والحيوان المائى. تسكن الغاب والغدران والعيون ومياه البحار والمحيطات. كما تحدث عنها العرب وأطلقوا عليها اسم بنات الماء وبنات الماء احد اجناس فصيلة عروس البحر ،واضفوا عليها من خيالهم الخصب بأنها نتاج بين الأنسان والأسماك كما كان البغل نتاجا بين الحصان والحمار . أما اليونانيون فقد أطلقوا عليها لفظ سيرينيا ومعناها عرائس البحر .. واضفوا عليها من الوصف جمالا بعيد عنها تماما.
قالت الكتكوتة الشقية :
ـ ولذلك فهى لا تعد من الأسماك . لأنها تلد وترضع فهى من الحيوانات البحرية .
قال الكتكوت الفصيح :
ـ أجل يا عزيزتى .. فهى ليست من الأسماك وإن كانت تشبههم .. كما إنها ليست من البشر برغهم إنها تماثلهم وتشبههم فى بعض الصفات . وهى ترضع الصغار فوق الماء وليس تحته كما تفعل الثدييات البحرية او المائية . فتنتحى بصغيرها مكانا قصيا من شاطئ البحر حيث يضمحل الماء فتحمله بيديها وتضمه إلى صدرها ليرضع ثدييها وقد يشبه وقوفها وكأنها امرأة أو مخلوقا وسطا بين الإنسان والأسماك نصفه الأعلى إنسان والأسفل سمكة.
وهى من آكلة الأعشاب فترعى الأعشاب البحرية وغيرها من نباتات الماء وهذا يتطلب بطبيعة الحال المكث تحت الماء فترات طويلة فجاءت عظامها صلبة جامدة ثقيلة الوزن.والأكثر دهشة من ذلك يا اصدقائى أنها  تصاد من أجل لحومها فهى لذيذة الطعم ، كما تصاد من اجل الشحم الموجود تحت الجلد ومن اجل الجلد نفسه وهو سميك ،و تصنع منه النعال.

صمت الكتكوت العنيد بحزن وهو يستمع لصديقه الفصيح .. وحاول الكتكوت الفصيح أن يغفر خجله ويتجاوز عن سخريته فقال وهو يفرد جناحيه مشيرا للجميع بالتوجه إلى قاعة العرض قائلا ً :
ـ هيا بنا يا أصدقائى الأعزاء لنرى سويا رائعة المؤلف العالمى أندرسون وماذا فعل بهذه الحقيقة وأخرج لنا عروس البحر القصة الشهيرةالجميلة  ..
***


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق