القائمة الرئيسية

السبت، 26 أكتوبر 2013

الغرائز الإنسانية ليست حيوانية



* الغرائز الإنسانية ليست حيوانية.
* السلوك الهمجى عند الإنسان لا يرجع لأصله الحيوانى

د. أميمة خفاجى

    الإنسان ..!
     حيوان ناطق .. بل حيوان ضاحك ..
     الإنسان بطبيعته حيوان ، أو داخل كل إنسان حيوان كامن ، تظهره الغرائز، والنوازع ، والرغبات المكبوتة !!
     من ذا الذى أودع فينا مثل هذه المفاهيم ..؟
     من المسئول عن هدم إنسانية الإنسان واستخدام السلوك الهمجى للبطش بالمسلمين ؟
     لقد علل التطوريون تسلسل الإنسان من الحيوان بوجود سلوكه الهمجى ، الذى يخرج عن قواعد وأساس السلوك الإنسانى .. مما يؤكد بقاء خواص السلف الحيوانى فى الإنسان.
    ولكونه حيوان متطور ، فيلاحظ فيه السلوك الحيوانى أى الهمجى فى بعض الغرائز ، وإذا كان بعض من البشر ، الإنسان يسقط ويتدنى فى سلوكه ، فليس ذلك رجوعاً أو ارتداداً لأصله أو لجذوره الحيوانية ..!! أو لأن صفات السلف الماضى تظهر فيه ،  بل لأنه سقط هاوياً تحت سيطرة غرائزه ، فسيطرت عليه ، ليصبح كالحيوان ، بل أضل سبيلاً. وسبحان الله جل شأنه لم يشبه الإنسان بالحيوان إلا فى حالات التحقير ، مثل أولئك الذين تخلوا عن عقولهم ، وأبصارهم فصاروا كالحمار والقردة والخنازير والأنعام بل وأضل من الأنعام كما قال الله تعالى فى كتابه الكريم :
 " لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم ءأذان لا يسمعون بها أولئك كالانعام بل هم أضل ".     [الاعراف ـ 179].
**
    الجينات والسلوك الغرائزى .. الآلى للحيوان
من الحماقة أن نقارن سلوك الإنسان بسلوك الحيوان..يؤدى سلوك بعض الحيوانات فى بعض المواقف إلى الظن بأنه لديها قدرة على التفكير حيث تراها تتصرف بصورة سريعة وبشكل منطقى فى اتخاذ القرار وتنفيذه ، وفى الحقيقة أن معظم سلوك ونشاط وتصرفات الحيوانات ، يخضع للتركيب الجينى والتعلم من البيئة المحيطة أى وراثة ولا دخل للفكر فيها .. وهذه القدرة على التعلم توجد فى الحيوانات الراقية بشكل ملحوظ .
    فلدى الحيوانات بنك الذاكرة ( Memory bank )  حيث يتم فيه تخزين وترتيب الشرط اللازم للاستجابة اللاحقة له ، وهناك اختلافات مهمة بين سلوك الإنسان والحيوان .
    لماذا تظل شغالة النمل شغالة مدى الحياة ؟
       فهناك كائنات تؤدى تصرفاتها بسلوك آلي(Automatic behavior)  وبدون تدخل منها وبلا أى تطور .. !!
    لكن ..!      ما الحافز الذى يتحكم فى تصرفات الحيوان ؟
    لقد قلنا من قبل إن هناك نظرية التحكم الجينى .. وليس من عجب إذن أن نعرف أن كل شئ مرتبط بالجينات والتركيب الوراثى حتى الإبداع و السلوك كل مرتبط بالعوامل الوراثية .
    فهناك مقدار معين من المعلومات الوراثية اللازمة لتحريض الحيوان ، ودفعه بصورة تلقائية ، لتنفيذ تصرفاته .. وهذه الأوامر كلها محفوظة فى مادته الوراثية ، كبنية أساسية فى تكوينه (برنامج) وتتم التفاعلات الكيميائية التى تحدث فيه باستمرار بتغير البيئة المحيطة ، وهذا البرنامج المحدد هو مصدر السلوك فى الحيوان .. فلا يزيد الحيوان عن كونه مجرد جهاز آلى مبرمج مثل الكمبيوتر ، ينفذ تعليمات ، وأوامر مبرمجة داخله دون أى تطور فى هذا البرنامج من قبله .
       ولقد ضربنا مثلاً كالنملة التى تبنى ، وتدافع ، وتهاجم ، وتربى ، وتسعى بشكل آلى بدون أى تطور .. فهى تفعل ما تفعله من بناء منذ بدء خلقها وحتى يومنا هذا ، دون أى تطور ، لأنها لا تملك أدوات التطور .. وإنما تنفذ ، وتؤدى السلوك المفروض عليها .. فالشغالة تبقى شغالة متى بقيت حية فى هذه الدنيا ، والملكة تظل ملكة مدى الحياة .. وهكذا ...!!
      أما عن قدرة بعض الحيوانات الراقية على التعلم فهى قدرة محدودة جداً ، وموقوفة على التقليد ، وتخزين تلك التصرفات بأدواتها ودوافع استجابتها فى الذاكرة.
ما يوجد فى الإنسان فقط هو سر كونه إنساناً   
    مما لاشك فيه أن الصفات التشريحية العامة للإنسان والقردة العليا بل وبعض الكائنات الأخرى تبدو لنا على درجة عالية من التشابه .. مما يدعو للدهشة والتعجب ، إلا أننا يجب أن نأخذ فى الأعتبار تلك الخصائص والصفات التى توجد فى الإنسان ولا توجد فى تلك الكائنات الأخرى ، لأنها هى وحدها التى تحمله على أن يكون إنساناً ، بشراً ، لا حيواناً .
    ومن بين تلك الصفات الرئيسية هى القدرة على الكلام واللغة ، والادراك ، والوعى ، واستخدام الذاكرة المخزنة وتوجيهها بشكل إرادى ، لا عفوى ، وتطويع البيئة المحيطة ، من نباتات ، وحيوانات ، وكائنات لخدمته ، بل وتسخيرها له .. علاوة على الحرية ، (التحرر من غرائزه والتحكم فيها وتوجيهها بدلاً من سيطرتها عليه كما فى الحيوان) وبناء تاريخ وحضارة .
     فالإنسان هو الكائن الوحيد الذى له القدرة على التطور فى سبل معيشته وبناء حضاراته .
***
     والحيوان لا يمتلك القدرة على الاستنتاج كما فى الإنسان ولكن لديه سلوك فطرى مبرمج .
    وإذا كان هناك من الحيوانات من يعيش حياة إجتماعية ، فمما لاشك فيه ، أنها تختلف كلياً عن الحياة والتمازج الاجتماعى الذى يميز الإنسان ، الذى يستخدم فيه قدراته ، عن طريق التعليم والتنشئة ، ونقل وتبادل المعارف ، والبيئة المحيطة والمعارف التاريخية الإنسانية والحضارية المكتسبة التى تتجاوز التركيب الوراثى .
    كل ذلك هو العامل الأساسى فى تحرير روح الإنسان من الفطرة الغريزية إلى حرية الارادة .
    لقد كان الكلام من أول ما يميز الإنسان ، ويمنحه القدرة على  الاتصال بين المجتمعات والحضارات المختلفة ، مما ساهم فى تطوره .. وكل ذلك محكوم تحت سيطرة التحكم الجينى أو الوراثى .
    أما فى حالة الحيوانات ، فإن غالبية المعلومات التى تستعملها ترد إليها من ميراثه الفردى ، أو فى أضيق نطاق تعليمى من عشيرتها ، لأنها لا تمتلك القدرة على التكيف الواسع التى ينعم بها الإنسان .وهذا من فضل الله عليه.
    فقد تبدو لنا طريقة حفظها (الحيوانات) للتمارين المتدربة عليها وإتيانها لها وتقليدها بمنتهى الدقة ، إنها تشكل أنماطا متعددة من الذكاء .. ولكن لا يمكن تجاهل أن معظم هذه الحيوانات تقوم بممارسة التمرين فى مقابل إشباع رغبة غريزية كالطعام .
   فالدولفين مثلاً : يحفظ التمارين مقابل منحه مكافأة من الاسماك ، والأسود تفعل ما تفعله من أدوار مدهشة ، مقابل قطعة من اللحم ، والحصان يرقص ويمثل مقابل حفنة من السكر.
     وهكذا يكرر الحيوان ما يؤمر به فى مقابل إشباع رغبة معينة .. وكل هذا الأداء ليس نتيجة ذكائها ، وإنما نتيجة للانعكاسات الشرطية  ، مع استبعاد الوعى والادراك بالموقف ذاته.
    وهناك ما يشاع عن وجود القدرة العقلية والفكرية ، التى يفترض وجودها لدى الحيوانات وبعض الحشرات .
    ولو كانت هناك أية مقدرة على التفكير لطورت النملة طريقة معيشتها التى عرفناها .. لكنها تفعل ما تفعله منذ خلقت وحتى الآن . لأنها تقوم بأداء كل ذلك بشكل غريزى ، ليس فيه أى تفكير أو تدبير ، لكنها مبرمجة على الإتيان بمثل هذه الأفعال.
    وكل إنسان يولد ولديه مراكز عصبية تستقبل المنبهات والمؤثرات وتفسرها وتحللها وتحولها إلى مختلف أنواع الاستجابات وهذا ما يتميز به الإنسان وحده عن الحيوانات أو القردة العليا .
    ومما لاشك فيه أن الموضوع كله ، خاضع للجينات التى تحكم بدورها تطور المخ ، وتؤثر تأثيراً مستمراً على طبيعة الخلايا العصبية ووظائفها و التى بلا شك تختلف من كائن لأخر . بل وتختلف بين أفراد النوع الواحد .. فهناك عائلات تتميز بنبوغ أفرادها فى مجال معين دون الآخر ، وقد يوجد عباقرة تميزه أفراد عائلة ما دون سائر أعضاء العائلة .
    فالوراثة أو التغيير الجينى قد يؤثر داخل أفراد النوع الواحد لكنه لا يؤدى إلى تغير النوع نفسه لنوع آخر (كما يدعى التطوريون) .
***




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق