القائمة الرئيسية

السبت، 26 أكتوبر 2013

لماذا يهاجر الإنسان الحيوان والطير



لماذا يهاجر الإنسان والحيوان ؟
الهجرة
   عرف الإنسان الهجرة منذ بداية خلقه ، بحثاً عن الأمان وهرباً من الموت . والأمان يتمثل فى البحث عن توفير ثلاثة أشياء تمثل الاحتياجات الضرورية وهى : الغذاء ، المأوى ، الأنثى . ثم الدفاع عن ممتلكاته وثرواته التى تحافظ على بقائه .. ولكى يتحقق ذلك كان لابد له من البحث عن المرعى والحيوان والبيئة والجو الملائم وظل يقوم برحلات شرقاً وغرباً ، بحثاً عن اكتشاف المرعى والمأوى المناسب وعرف الهجرة ثم التوطن . واستمر تجوال وترحال الإنسان فى الأرض مقتفياً أثر الحيوانات التى كانت تظهر فى بعض الفصول من السنة وتختفى فى البعض الآخر .. أى أن ظهورها موسمياً .
وعندما بدأ يستأنس بعضها وعرف تربيتها راح يبحث عن المراعى تارة عبر الفيافى والصحارى وأخرى داخل الوديان والسهول. وعندما وفر المرعى والمأكل بدأ يفكر فى الاستقرار . ورغم تطور الإنسان السريع فى تسخير احتياجاته الضرورية فى الحياة .. إلا أن بعض القبائل كالاسكيمو التى تقطن المناطق القطبية وبعض القبائل التى تعيش على الهضاب العالية فى وسط آسيا لا تزال حتى يومنا هذا تتجول مع فصول السنة .
ورغم كثرة تجوال الإنسان وحبه وشغفه بالرحلات القصيرة التى يقوم بها العض من حين لآخر ، إلا أنه لم تتأصل عادة الهجرة وتتحول إلى غريزة كما حدث فى عالم الحيوان والطير . لأن الإنسان لم يعرف الهجرة المنظمة والموسمية كما فى الطير والحيوان .. وهناك بعض الحالات التى تضطر الإنسان للهجرة مثل : المنطقة القطبية حيث إنه من الصعب جداً الاستقرار فى الأحوال الجوية السائدة هناك طيلة العام لشدة البرودة القارصة على مدار العام مما يدفع الإنسان للهجرة ، ورغم ذلك لا يعد هذا نوعاً من أنواع الهجرة الموسمية.
  لم يجبر الإنسان وحده على الهجرة تفاديا واتقاء للهلاك فى موطنه الأصلى عندما تقل أو تندر أو تنتهى الموارد الغذائية ، بل والحيوان والطير أيضا يفعل ذلك بحثاً عن الحياة وهرباً من الموت والهلاك . إلا أنه فى حالة الطيور تأصلت عادة الهجرة لتصبح غريزة متوارثة .

 الهجرة إلى الموت
وقلما يغلب الطابع الفردي فى هجرة الحيوان إلا فى حالات نادرة جداً .. وتتعدد أسباب هجرة الحيوان والطير والحشرات ،  فمنها ما هو اضطراري أو موسمى أو تزاوجى أو اختيارى  ، وأيضاً قد يكون هناك هجرة دمارية وتخريبية ، والأدهش من كل ذلك هو الهجرة الغريبة التى ينفرد بها بعض الحيوانات والحشرات كالهجرة إلى الموت أو الهجرة الانتحارية .. لكن هل من الممكن إدراج هجرة الحيوان الانتحارية مع الهجرة الاضطرارية..؟
 موعد مع القدر
    عندما يتقدم العمر بالفيلة  ، يلجأ الفيل الهرم منهم إلى مكان مهجور ،  يقع فى أطراف الغابة ، بحثاُ عن الراحة والأمان ،  بعد رحلة الحياة الشاقة ، فلم يعد بقدرة على العيش  .
     يلجأ هناك فى انتظار الموت .. وكأنه على موعد مع القدر ..؟ حيث يرقد مستقراً ، حتى يأتى أجله ، فلا يُحمل رفاقه مشقة الدفن وعذاب الفراق وآلامه .. وكأنه يحس قرب أجله ، فيختار المكان المناسب للموت .. !
    فكيف عرف وشعر باقتراب أجله ؟
    هل هناك حاسة غير معروفة لدينا ليعرف الفيل موعد وفاته .. فيستعد لاستقبال الموت بهدوء وسكينة .. وبكل الرضا ؟
 هجرة اللمنج النرويجى الانتحارية
     اللمنج النرويجى (حيوان يشبه الفأر) ويقوم برحلات متقطعة وقد تمتد رحلتها إلى عام أو عامين حتى تصل إلى شاطئ البحر لتلقى بنفسها فى الماء لتنهى حياتها بهذا الشكل العجيب . ولا أحد حتى الآن يستطيع تفسير تلك الظاهرة العجيبة . شكل (1).
 هجرة سبع البحر ولقاؤه بالإناث   
    يسمى سبع البحر بالفقم وهو حيوان ثديى أى تلد الأنثى الصغار كالإنسان ، وترضعهم ، ويعيش هذا الحيوان فى البحار والمحيطات ، ويتميز بطوله ووزن وطول شاربه ، وتهاجر جماعة الفقم كل عام فى رحلات موسمية تمتد من الجنوب إلى الشمال .. ويتزوج الذكر ما يقرب من ستين أنثى. شكل (2).
   وهذه الهجرة الموسمية التى تقوم بها جماعات الفقم ضرورية وحتمية لبقائه وحفظ نوعه فبدون هذه الرحلات ما اجتمعت الذكور والإناث معاً . فالجنسان لا يعيشان معاً فى منطقة واحدة ، لأن الإناث تشتى عند سواحل كاليفورنيا بينما تقضى الذكور شتاءها جنوبى جزر الوشيان فى خليج ألاسكا على وجه التحديد.
    وفى بداية الصيف موعد التزاوج تنزح الذكور بمفردها إلى مكان انسالها قرب جزر بريبلوف الصغيرة التى تبعد عن ألاسكا .. وعند وصول الذكور إلى جزر بريبلوف فى شهر مايو تبدأ فى البحث عن بيت الزوجية وتأثيثه ، ولذلك تقضى أيامها الأولى فى عراك شديد وتنافس على المسكن الكبير الذى لابد وأن يكفى حريمه. وفى تلك الأثناء تكون الإناث قد بدأت رحلتهن من الجنوب إلى الشمال أيضا وهن حوامل فى رحلة قاسية وتشق طريقها من كاليفورنيا فى الجنوب إلى جزر بريبلوف فى الشمال فتتلقفها الذكور التى تنتظر مجيئها فى مثل هذا الوقت من كل عام بفارغ الصبر . وتستمر فترة التزاوج وتربية الصغار ما يقرب من ثلاثة أشهر تقريباً . وعندما ينتهى الربيع تودع الذكور زوجاتهم وتصحب الإناث صغارها شطر الجنوب قاصدة سواحل كاليفورنيا حيث تقضى هناك فصل الشتاء ، أما الذكور فترجع إلى موطنها الأصلي جنوبى جزر الوشيان ، حتى يحين الصيف القادم لتمارس رحلتها من جديد. شكل (3).   
هجرة الجراد الدمارية
يغير الجراد الصحراوى على مصر فى أسراب ضخمة تبلغ الملايين ويستمر السرب فى الطيران بصورة متواصلة قد تبلغ ثمانى ساعات دون انقطاع نهاراً ثم يحط على الأشجار ليلاًً ليتركها جرداء وقد جردها من ثوبها الأخضر الجميل ليتركها عارية ، جرداء ، ويستطيع إحالتها فى يوم وليلة إلى بقعة جرداء خالية من الزرع . ويروى لنا الكتاب الكريم  فى ذكر آل فرعون وعصيانهم لموسى وبنى اسرائيل عندما أرسل الله جل شأنه آيات من العقاب والنكبات فحل عليهم الطوفان والجراد :
 " فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين " . [ الأعراف : 130- 133] .
ويُذكرفى (التوراة) أنه كانت الضربة العاشرة فى أيام الفراعنة كانت ضربة الجراد الذى تكاثر بدرجة كثيفة حجبت فيها أشعة الشمس مما ساد الأرض ظلمة ودمار فى الزراعة. ثم تبدأ الأسراب المهاجرة فى الرحيل نهاراً وتنتقل من قطر إلى آخر لآخر لا يحمل معه من زاد سوى الدمار والهلاك الذى يحل على المكان بقدومه حيث إنه يتلف جميع المحاصيل الزراعية ، فيأتى على كل أخضر وتتمثل إصابته فى أكل الجراد للأوراق والأزهار والثمار والحبوب ولحاء الشجر والقمم النامية من النباتات .
وتحدث هجرة الحشرات كشكل من أشكال التكيف(Adaptation) مع الظروف البيئية القاسية . إلا أنها ليست مقاومة مباشرة للظروف القاسية أو رد فعل لها ، حيث إن الأفراد يستعدون للهجرة قبل حلول هذه الظروف ، فتهاجر تلقائياً (Spontaneous) . وهناك من الحشرات ما يهاجر بطريقة اختيارية ( Facultative ) حيث يقوم بعض الأجيال دون غيرها بالهجرة . وقد يكون للبيئة المحيطة دور فى تحفيز الأفراد للشروع فى الهجرة وقد تعكس البيئة تغيرات فسيولوجية على الحشرة المهاجرة خلال فترة الهجرة . وقد تتوقف الرحلة قبل نهايتها والوصول للمكان المستهدف .واكتش العلماء أن الهرمونات تلعب دوراً مهماً فى هجرة الحشرات ، بل إن البعض يؤكد أن التحكم الهرمونى (  Hormonal control) هو المحرك الأساسى فى حدوث الهجرة من عدمها.   
       سبحان الله
لقد تجلت قدرة الله فى مخلوقاته بما يضمن لها ممارسة كافة الأنشطة التى تضمن لها البقاء والتكاثر والبحث عن الرزق والهروب من الأعداء فقال جل شأنه فى كتابه الكريم :
" الذى أعطى كل شئ خلقهُ ثم هدى ".[طه : 50].
    وهذه الآية تفسر لنا كل الظواهر التى يمارسها الطير والحيوان ، التى يعجز العلم حتى الآن عن تفسيرها .. لأنه لا تفسير هناك سوى قدرة الله وحده على هدايتها !!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق